طفا في الآونة الأخيرة على سطح واقعنا السياسي الرديء الموغل في البؤس والسوريالية، خبر إحتلال رئاسة مجلس قروي بضواحي العاصمة العلمية من طرف أحد متجلدي الحواس متبلدي الضمائر ، الذين يعتقدون أن إعتلاء كرسي سلطة في قرية ما هو سدرة المنتهى وغاية الآمال والوسيلة الناجعة لدق ،وبشديدة أعناق الساكنة التي ترأسوها في غفلة منهم وعلى أيدي زبانيتهم ، وهو الأداة الناجعة للعبث ، وبنهم غريب ، بأرزاق أطفالهم وقوت عوائلهم ، وتدمير حاضرهم ومستقبل أجيالهم ، وغير ذلك من الإختلالات الإجرامية الرهيبة واللامنتهية ، المتدثرة بالنضال والوطنية حينا ، وبالمقاومة والمقدس أحيانا أخرى ، والتي تدفع الأسوياء للكفر بكل أنواع الديمقراطيات التي تسمح بإقتراف مثل هذه الخروقات وتبيح مثل تلك التجاوزات والإنتهاكات على مرأى ومسمع من الجهات المعنية بالتصدي لها ، ومنع وقوعها بقوة القوانين الصارمة المنصوص عليها في كل دساتير البلدان التي تحترم مواطنيها.. صحيح أنه لا ضير من ارتكاب الأخطاء ، وأنه من الطبيعي أن يقع الإنسان فيها ، لكن غير الطبيعي ، والمثير لقلق النفوس وحنقها هو تكرار نفس الخطأ عدة مرات وبأريحية بلهاء ، والأطرف من كل ذلك ، والذي يثير غضب الناس ويؤجج قرفهم ، هو استنكار ذاك الكائن الخطاء ، واشمئزازه ممن لا يوافقونه أخطاءه ، ولا يتفقون مع أفكاره وآرائه ، ولا يسايرون سلوكياته الخاطئة ، والتي يعتقد أنها صائبة على الدوام ، وأن كل ما يستحسنه هو الحسن ، وأن جميع ما يستقبحه هو القبيح ، وأنه دائما على حق وغيره على باطل ، لأنه – كما ما يدعي – معدن الصدق والصواب وبقية الناس مراكز للكذب والخطأ . لاشك أن ما يسعى للوصول إليه هذا الكائن ، أو ما ستفضي إليه تصرفاته السوداء ، التي لا يبغي من ورائها لا إصلاحا ولا تنمية ، لأمر غامض ومشبوه ، ويحتاج إلى وقفة صريحة توضع خلالها النقاط على حروف ما يفترض أن تكون عليه إجراءات الشدة والقوة والحسم ، في رجعه ومواجهة أخطائه ، التي لا يمكن أن يوصف كلاهما إلا بأنهما علة في تسيير الجماعات وعالة عليها ، وخاصة بعد أن أدى به هوس السلطة ، وتطبيل وسائل الإعلام التي تدور في فلكه ، للإصابة بعمى الغرور والنرجسيــّـة والنظرة الضيقة للأمور والتمحور المتغطرس حول النفس والإعتقاد بأن ما ناله من موقع الريادة – الذي حازه بالغصب والتحايل والانتقام والاقصاء وبناء تحالفات مصالحية ضيقة – من نجومية وشهرة ومال وسلطة وأضواء وتصفيق وإشادة ، يمكنه من أن يكون له وجود ، ولو بصورة زائفة ، فقرر لبلوغ ذلك التطاول على رموز ومقدسات وتوابث الوطن المتوارثة التي هي تاج يرصع جبين كل غيور على وطنه من الغاربة المستعدين للتخلي عن كل مطالبهم الشعبية العادلة من أجلها ، لكنهم لن يتخلوا عن محاسبة وتجريم كل فاسد أهوج منعدم الكفاءة والوطنية حاول تدنيس أيا من رموز ومقدسات وطنهم وثوابته التي تعلو ولا يعلا عليها . لكن على ما يبدو أن الخبث لازال موجدا ومتداولا بين بعض الخبثاء ، ويسهل رصده وحصاره لدى بعض عديمي الأصول الذين ترعرعوا في النذالة وسوء الأخلاق المتأصلة في كل مجالات حياتهم ، والتي يحاولون فرضها بالقوة على الوطنيين الأنقياء والذي يبقى من حقهم المطالبة بتدخل المسؤولين لتطبيق القانون وتفعيل مقتضياته لحماية رمور الوطن ومقدساته وتجريم كل من تسول له نفسه حتى التفكير في مسها بالسوء ، وتنزيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة على ارض الواقع ، بعيدا عن مناقشات وندوات الصالونات المكيفة، التي لا تجدي نفعا في الحد من السلوكات الإجرامية ، التي لا تقتلها الأفكار النيرة المضادة ، ولا الحوارات الآدمية الطيبة البديلة ، ولا حتى القدوات الحسنة ، ولا تقضي عليها إلا العين الحمراء والقبضة الحديدية والرصاصة القاتلة للظلمة الذين إذا قلت لظالم منهم أن يكون عادلا كقولك للمجنون أن يكون عاقلا ، لأن المجنون يعتقد أنه العاقل الوحيد بين الناس. ألا فكفوا عنا أدى المجانين المصطنعين بفعل دعمٍ خبيثٍ ماكرٍ غير طاهرٍ ولا بريء ، فإنه خائن من يتمسك بالصمت الجبان ، ويلتزم الحياد المنافق، ويحل غيابه محل حضوره عندما تمس توابث الوطن ومقدساته ، فلا يشجب ولا يندد ولا يجابه ولا يواجه ولا ينتقد ولا يفضح الخرقات المضرة ببلاده ، ويترك الأسئلة المصيرية بلا إجابات ، طمعا في مكسب مادي ، أو حفاظا على مركز أو وظيفة، وحمدا لله على أن شرائعه سبحانه وقوانين وأحكام التاريخ وإن تأخرت لفترة قد تطول أوتقصر فإنها تقول كلمتها الفصل ويأخذ في نهاية المطاف كل ذي حق حقه !!!