ونحن في عز جنون نسيان الموت ، وغمرة التعلق بوهم الخلود وزائف البقاء ، رنت أجراس الأحزان المثخنة جعبتها بأخبار اليتم والأكفان معلنة عن خبر مصاب جلل ورزية عظمى ، جحظت من وقعها الأعين ، وصمتت من هولها الأصوات ، وبهتت من قسوتها النفوس ، خبر رحيل المشمول بعفو الله ورحمته با حسين محب الفيلالي إلى دار البقاء ورغم التسليم بسنة الحياة ، وإرادة الله ومشيئته تعالى ، فرحيل هذا الرجل الفاضل ، يبقى رحيل هذه القامة النضالية فاجعة شديد الوقع ، يصعب التحدث عن مآثره وخصاله ، وتعجز الكلمات والعبارات عن الإلمام بمبادئه وأخلاقه ، وهو الذي ظل على مدار الأعوام وتغير الأحوال، هو نفسه ، لم يتبدل على ما عاهد الله والوطن والمهنة عليه ، فلم يفقد لا الجوهر ولا الأصل ولا الانتماء ، حيث ظل إلى آخر لحظة، مغربيا صميما، ووطنيا أصيلا ، ونقابيا شرسا ،لكن خلوقا ، متواضعا، عفيفا، لم تثنيه مشاغل النفس والأهل ، عن مشاكل قطاع النقل الذي مثله مند نعومة أظافره بتقلده مسؤولية الدفاع عن مصلح مهنييه من خلال مهمة “أمين أرباب سيارات الأجرة الصغيرة” التي استحقها عن جدارة ، ومن خلال جمعية ” ملاكي سيارة الأجرة الصغيرة” التي أسسها بمعية ثلة من المناضلين الشرفاء أمثال صديقه وزميله المرحوم با التهامي المعوف بـ”لعسل” نعم ، إن رحيلك عن عالمنا لمصاب جلل ، ورزية عظمى ، تدمي قلب كل من عرف ابتسامتك الهادئة وقلبه الكبير الذي وسع الجميع ، لكن الذي ما يعزينا فيه يا أيها الأب الحنون و الصديق الوفي والرفيق الصادق ، هو خلود ذكرك في النفوس كما هو حال العظماء الذين لا يندثر منهم إلا العنصر الترابي الذي يرجع إلى أصله ، و يبقى ذكرهم على الأرض ، حيا قويا ، ونورا يهدي ، وعطرا فواحا ينعش ، وآثارا مشهودا ينفع ، وأعمالا جليلة يُحتدى بها، وأفكارا نيرة يُهتدى بها ، وتلك هي العظمة ، وذاك هو الخلود ، وذانك هو حسن الختام الذي يتمناه الإنسان والذي قال فيه الشاعر: المرء بعد الموت أحدوثة … يفنى و تبقى منه آثاره فأحسن الحالات حال امرئ … تطيب بعد الموت أخبــاره فوداعا با حسين ، وإلى واسع رحمة الله مع الشهداء والقديسين الأبرار ، وعوض الله عائلتك الصغيرة والكبيرة خيرا وزادها صبرا وتحملاً . وجعل دعاءنا سعادة ورزقا ونعمة لك تفرح به فى آخرتك أكثر من فرحتك به فى دنياك.