من طبائع الإنسان الأمازيغي المغربي التابثة التي لا تتغير ولا تتبدل والتي لم تكن يوما محط نقاش أو جدال ، غيرته على هويته ولغته وحفاظه على أصالتهما قوية صلبة ، وتمسكه باستقلاليتهما ورفضه تحكم الأغيار فيهما، شرقيين كانوا أو غربيين، إفريقيين أو أوروبيين، مسلمين أو من ديانات أخرى، هذا التعلق الشديد بالثرات والثقافة الأمازيغيي وتلك الإستماتة على الدفاع عن الهوية في بعدها المحلي ، هو ما جعل من الشخصية الأمازيغية المغربية شخصية مميزة عن غيرها من شخصيات الكثير من الأمم ، وهو ما أوغر صدور متبني الفكر الإسلاميوي وملأ قلوبهم حقدًا وكراهية ، ودفع بهم لاستخدام كل الوسائل لمحاربتها وتدمير قدراتها على الصمود ومواجهة المعتدين على كل من يريد تغييبها وإقصاءها عما يربطها بمغربية تراثها وثقافتها المجتمعية، ليس لعيوب في الأمازيغ الذين يعتزون بها وبلغتهم الأمازيغية ، كما تدعي بعض التيارات العروبية والإسلاموية المتشددة ، وإنما للمزايا والأمجاد التاريخية ، التي صنعت تألق الإنسان الأمازيغي ، التألق الذي يذكرويؤرق غالبية الكارهين بنقصهم وتخلفهم ، الذي يعوضون عنه -بطريق مباشرة أو غير مباشرة – بنهب المآثر الحضارية الأمازيغية مغربية الصرفه ، منطبخ وملبس ومأكل وعمران وأثاث و نسبها لأنفسهم . المعضلة التي تحتم على كل الفعاليات الأمازيغية الدينية والاجتماعية والنخب السياسية والإقتصادية والثقافية الغيورة على أصالة هويتها المغربية ، العمل على حماية ووعي الأمة لأمازيغية من التحديات المعيقة لتطورها واستتمارية ترقيها ، وترسخ قيم الإعتزاز بتاريخها بكل أحداثه الحقيقة -بدل ذلك المزيفة المتخن بالروايات البليدة والقصص المغلوطة المفبركة- والإهتمام بمناسباته ﺍﻟﻤﺎﺿية والحاضرة ، وعلى رأسها جميعها ، رأس السنة الأمازيغية الذي يجب تذكير الأجيال الصاعدة بأنها هي ثاني أقدم سنة في العالم بعد السنة العبرية ، رغم اختلاف مسمياتها حسب شعوب شمال افريقيا المحتفلة بها – الناطقة منها بالأمازيغية او المستعربة- من “حاكوزا” و”إيض اناير” و”السنة الفلاحية “إلى “الناير” والتي تتفق جميعها في كونها ليست سنة دينية عقائدية كالسنوات الهجرية والعبرية والمسيحية ، لارتباطها بالأرض والتقويم الفلاحي ، والتي سيبلغ عدد أعوامها بانتهاء هذه السنة إلى 2972 عاما ، وللاحتفال بالسنة طقوس متنوعة وغنية تهيء فيها أنواع متعددة من المأكولات الشهية بحسب المناطق ونوع الزراعة المنتشرة بها ، يجمعها في شمال افريقيا وخاصة البلدان المغاربية “”الكسكس بسبع خضاي” أي بسبع خضراوات واللحم ، الى جانب المكسرات والفواكه الطرية والجافة . ملاحظة : رغم أن رأس السنة الأمازيغية من أقدم الاحتفاليات الأمازيغية ببلادنا ، وأنها أحد أهم الطقوس لدى أمازيغ المغرب وجل بلدان شمال إفريقيا ، فإنه لم تعتمد إلى اليوم عيدا وطنيا ، اعترافا منا بجميل الأجداد وبمجدهم ، وحفظا للذاكرة الجمعية من الاندثار والطمس الذي طال غيرها ، ونظرا للأهمية التي أصبح يحظى بها هذا الاحتفال والذي صار تقليدا سنويا لدى المناطق القروية والحضرية على السواء، حيث أصبح يتخذ أبعادا جديدة كحدث اجتماعي تبنته جل جمعيات المجتمع المدني العاملة في مجال النهوض بالثقافة الأمازيغية وبعض الجماعات الحضرية والقروية والمؤسسات الرسمية ، فقد أصبحت الدعوة إلى ترسيم رأس السنة الأمازيغية ، كيوم عطلة وعيد وطني ، كما هو الشأن بالنسبة لرأس السنة الهجرية والميلادية ، أشد ضرورة وإلحاحا ، لما يحمله من دلالات رمزية ثقافية وحضارية وتاريخية وفنية وأنتروبولوجية. وفي الختام أتمنى لقرائي الأعزاء بمناسبة حلول2972 واقول لجميع المغاربة : سنة أمازيغية سعيدة مباركة مليئة بكل المسرات والأفراح : أسْكًاسْ إسْعْدَنْ إفُولْكِينْ