بقلم الاستاذ عبد المنعم زبار
تكتسب المياه أهمية عظيمة في حياة البشر، فهي أصل الحياة، ولا يمكن أن تستمر من دونها، فقد جعل الله سبحانه وتعالى «من الماء كل شيء حيّ». وتعدّدت استخدامات المياه، ولم تعُد تقتصر على الشرب أو الريّ، بل أصبحت مكوناً أساسياً في الكثير من الصناعات والمنتجات، فضلاً عن استخداماتها في مجالات حيوية لا يمكن لحياة الناس أن تستمر من دونها، مثل توليد الطاقة والكهرباء، وغيرهما من الاستخدامات التي يصعب حصرها في كلمات.
هذه النعمة، برغم كل ذلك، تتعرض لتحديات كثيرة على مستويات مختلفة، محلية وعالمية، حيث يواجه العالم نقصاً متزايداً في مصادر المياه. وهناك دول تواجه النقص بشكل طبيعي، حيث لا توجد فيها موارد مائية طبيعية، ومنها دولة الإمارات العربية المتحدة. ومع ذلك، فإن المياه هنا متوافرة بشكل دائم، وبكميات كافية جدّاً، حيث أقامت الدولة العديد من المشاريع المتقدمة التي تضمَن توفير المياه لكل الاستخدامات على مدار الساعة. وهذا أمر مهم وله آثار إيجابية على الفرد، حيث يُعزز من جودة حياته، ويُشعره بالطمأنينة لتوفير أهم ما يحتاج إليه، سواء في بيته أو مكان عمله أو مزرعته أو مصنعه.
ويواجه المغرب تحديات كبيرة فيما يتعلق بالموارد المائية، مثل ندرة المياه وتغير المناخ. وبالتالي، ما يستوجب على المجتمع المغربي العمل بجد لترشيد استخدام المياه عبر تبني سلوكيات الحفاظ عليها، بالإضافة إلى تطوير تقنيات الرّي الحديثة. كما يجب الاستثمار في تحلية المياه وتنقيتها لضمان توفير مياه نظيفة وآمنة للشرب.
بالإضافة إلى ذلك، يجب القيام بالتوعية والتربية البيئية للأطفال والمواطنين، وكذا تشجيعهم على الحفاظ على الماء والمشاركة في الجهود الرامية إلى استدامة الموارد المائية بالبلاد. كما يجب أيضا أن يتم تشجيع السلوكيات المحمودة مثل إصلاح التسرّبات المائية في المنازل والمرافق العمومية، واستخدام أجهزة ومعدات توفير المياه.
وانطلاقا من مما جاء به الملك محمد السادس قوله ” إن الحفاظ على الماء مسؤولية وطنية، تهم جميع المؤسسات والفعاليات، وهي أيضا أمانة في عنق كل المواطنين”.
دور الفرد في الحفاظ على الماء
يجب على جميع الأفراد في المجتمع الحفاظ على المياه واستخدامها بشكل أمثل وأكثر كفاءة وتقليل الاستخدام غير الضروري لها، ويعد الحفاظ على المياه أمرًا مهمًا نظراً لشح المياه العذبة النظيفة الناتجة الموارد الطبيعية المحدودة كلآبار الجوفية، بالإضافة إلى كلفتها المادية المرتفعة، كما تساهم المحافظة على المورد المائي في الحفاظ على البيئة وضمان توازنها.
المحافظة على المياه المستخدمة داخل المنزل يمكن أن يحافظ الأفراد على الماء داخل المنازل بعدة طرق، أهمها:
عند الغسيل يجب استخدام كمية من الماء تتناسب مع كمية الملابس المراد غسلها، وضبط إعدادات غسالة الملابس بما يتناسب مع كمية الملابس الموجودة.
اختيار نوع غسالة ملابس موفر للماء، مع العلم أن الكميات التي تستهلكها الغسالات ذات التحميل العلوي أعلى من الكمية التي تستهلكها الغسالات التي يتم تحميلها من الأمام.
تركيب رأس دش منخفض التدفق والذي يمكنه توفير ما يقارب 60 لترا من الماء خلال الاستحمام لمدة 10 دقائق.
فحص المرحاض بشكل دوري بحثًا عن أي تسريبات ويمكن ذلك عبر وضع بضع قطرات من مُلوِّن الطعام في حوض المرحاض، وفي حال بدأ اللون بالظهور في الوعاء بدون شطف فهذا يعني أن هناك تسربًا في المرحاض ويجب إصلاحه تجنباً لإهدار أكثر من 400 لتر من الماء يوميًا.
عدم إلقاء النفايات في المرحاض أو إطفاء أعقاب السجائر فيه أو رمي المناديل الورقية فيه، حيث تحتاج عملية طرد هذه النفايات إلى قرابة خمسة إلى 28 لتر من الماء.
وضع زجاجة بلاستيكية في خزان المرحاض بسعة لتر واحد ووضع رمل أو حصى بارتفاع بوصة أو اثنتين في قاعها، ثم ملء باقي الزجاجة بالماء ووضعها في خزان المرحاض، وهذه العملية يمكن أن تقوم بتوفير مقدار 20 لتر أو أكثر من الماء يوميًا دون الإضرار بكفاءة المرحاض.
عدم تشغيل غسالة الصحون إلا عند وجود كمية كافية من الصحون. إغلاق صنبور المياه أثناء تنظيف الأسنان.
مراقبة الكميات التي يتم استهلاكها من المياه باستخدام فاتورة المياه وسؤال شركة المياه عن تدقيق المياه في المنزل.
المحافظة على المياه المستخدمة خارج المنزل يمكن تقليل كمية المياه التي يتم استخدامها في إنجاز الأعمال خارج المنزل بعد طرق، أهمها:
تركيب أجهزة استشعار المطر على أنظمة الري.
تركيب برميل خارج المنزل لجمع مياه الأمطار فيه واستخدامها للري.
بناء نظام لتجميع مياه الأمطار في المنزل كالآبار.
الحرص على نشر التوعية ومشاركة المعلومات حول توفير المياه من خلال الترشيد والكفاءة مع الآخرين.
عدم إبقاء خرطوم الماء مفتوحاً أثناء غسل السيارة، حيث يمكن القيام بتنظيف السيارة باستخدام دلو من الماء والصابون ثم شطفها بالخرطوم.
عدم السماح للأطفال باللعب بالخرطوم ورشاشات الماء وخاصة في الأيام الحارة، وذلك لأن هذه الممارسة تضيع قدراً كبيراً من الماء.
التحقق من عدم وجود تسرب في الأنابيب وخراطيم الحنفيات والوصلات الخارجية وعدم تجاهل أي تسريب في مصادر المياه في الخارج، حيث يمكن أن تتسبب هذه التسريبات بهدر كمية أكبر من الماء خاصةً عند حدوثها على خط المياه الرئيسي.
إعادة استخدام الماء والصابون الذي تم غسل الملابس فيه في تنظيف الفناء والطرق وغيرها من المرافق.
اختيار الأوقات المناسبة لري النباتات ويفضل أن تتم عملية الري في الصباح الباكر أو في وقت متأخر من المساء حتى تحافظ التربة على وجود الماء والرطوبة لوقت أطول وأن لا تتبخر فورًا بسبب أشعة الشمس الحارقة.
جهود مؤسساتية لتجاوز الأزمة
تسابق الحكومة بتوجيهات سامية من الملك الزمن لتنفيذ عدد من المشاريع التي للتعامل مع أزمة ندرة المياه وتجنب أسوأ السيناريوهات، وهو توقف الصنابير عن تزويد المواطنين بالماء الصالح للشرب، وتضرر القطاع الفلاحي (الزراعي) الذي يستهلك معظم الموارد المائية للبلاد.
وأطلقت الحكومة بداية العام الجاري مخطط عمل استعجالي للتعامل مع هذه الأزمة المتفاقمة، يتضمن مجموعة تدابير من بينها:
تسريع إنجاز سدود كبيرة ومتوسطة وصغيرة.
إنجاز آبار وحُفر استكشافية لاستغلالها في دعم التزويد بالماء الصالح للشرب.
بناء محطات تحلية مياه البحر لتزويد المدن الساحلية.
إعادة استعمال المياه العادمة لسقي المساحات الخضراء وملاعب الغولف.
إنجاز مشروع الربط بين الأحواض المائية.
ويوجد في المغرب حاليا 153 سدا كبيرا، بسعة إجمالية تصل إلى 20 مليار متر مكعب، و141 سدا صغيرا ومتوسطا، و15 محطة لتحلية مياه البحر، بقدرة إنتاجية 192 مليون متر مكعب و17 منشأة لتحويل المياه. وتطمح السلطات لبناء المزيد من محطات تحلية مياه البحر في المدن الساحلية بهدف تعبئة أكثر من 1.7 مليار متر مكعب سنويا. هذا وتواصل وزارة التجهيز والماء مجهوداتها المبذولة لحث كافة المتدخلين في القطاع المائي على الاستثمار أكثر فأكثر في الحلول المندمجة والمبتكرة التي تَتَكيّف مع خصوصيات كل منطقة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وبالتباحث والنقاش حول الممارسات الجيدة وأنجع مشاريع المياه.