الخطاب الأدبي عند عبد الإله قيدي بين البعد الأكاديمي والتكوين النقدي

إنجاز: د الغزيوي أبو علي / باحث

دة بن المداني ليلة / باحثة

تقديم:

يضم هذا المقال تصورات معاشة أثناء عملية التدريس والتكوين، حيث يبرز لنا كيفية التعامل مع المفاهيم وكيف نصيغها صياغة منهجية اصطلاحية وتصنيفها الجديد بأسماء مفاهيم أساسية في علم الأدب وقد أردنا كما أشرنا في المقدمة أن يصوغ الباحث عبد الإله قيدي أفكاره في صورة أشمل وأبسط وقابلة للتحليل والتأويل، وفي أثناء تناوله تفاعلات التأصيل والتحديث في الرواية العربية بالمغرب، والخطاب النقدي ومعضلة التأصيل تحولت هذه الدراسات عن المفاهيم إلى جزء مستقل يستحق القراءة والنقد، والبحث في منطقة التقاطع نظريا وتطبيقيا بين حقلين معرفيين ظلا متباعدين على الأقل في الشعرية العالمية والعربية بالخصوص، ولكن مكن هذا التداخل من تحقيق مكسبين: الأول فسح المجال أمام الأصالة لتبني نصها المؤسساتي، والثاني التحديث الذي يسمح بتأسيس العلامة في حلها وهجرتها وما يطرأ عليها من تحول رمزي ودلالي في النصوص، إذن من هنا يجري الدخول النقدي عبر تناصات من حيث كونها بالذات محل التنوير والتحويل، بقدر ما نحس بترجمته نفسيا واجتماعيا، لتحرير القارئ من الوصايا التي تمارس عليه باسم الحرية بقدر ما هي تفكيك للنصوص من الأوهام الماضوية، لأن الرهان هو تغذية هذا المقال بمفاهيم وعناوين صغرى تتجدد معها أدوات التعبير وميادين المعرفة النصية وهذا ما حاولت مع الدكتورة بن المداني ليلة بقراءة مشروع عبد الإله قيدي.

من الثابت والمؤكد أن الدراسات التي أجراها الباحث عبد الإله قيدي هي دراسة تتطلب الإلهام بالمعرفة، وبميكانيزمات تعلم تلك المادة النقدية من طرف الباحثين ذلك أن القارئ لدارساته المنشورة في علامات في النقد، وفكر ونقد، وعالم الفكر، ومجلة المعرفة، وأيضا أطروحته الأكاديمية ترى أن هذه التطورات النقدية والنظرية وما وافقها من تكوين أكاديمي للطلبة سواء على المستوى الروائي أو المسرحي، كل هذا جعله يندرج أساسا في سيرورة بناء الإشكالية تدريجيا كمنظور أكاديمي، وكوظيفة تربوية تعليمية، تلك الوظيفة التي يحملها كمدرس أكاديمي وكباحث جعله يتجاوز التخصص لكي يؤسلب المعرفي كواحد من المفاهيم الحديثة والمعاصرة، لأن أهم ما يميز نصوص عبد الإله قيدي هي نصوص منفتحة على قيم بيداغوجية وأكاديمية لتقرب للطالب وللباحث عن كيفية استقراء الخطاب الأدبي والتاريخي برؤية منهجية موضوعية. لذا يسعى الباحث قيدي إلى مواكبة ورصد التحولات الأساسية التي مجال التربية، والنقد والمسرح وفق مبادئ منهجية وفلسفة إنسانية التي تعتمد التقويم وتنظيم الحياة الجامعية، والأكاديمية، باعتبارها مدخلا جوهريا لتجديد البحث الجامعي الذي يترجم المبادئ والاختيارات التيمية بغية تمكين الطالب والباحث من تكوين رصيد معرفي غير مؤدلج وذلك في مختلف مجالات الكفايات التربوية المعاصرة والحديثة، إن الباحث عبد الإله قيدي عبر هذه السلسلة المدونة في المجلات والكتب والجرائد التي ذكرتها فهي مؤطرة بنسق فكري يوحد بين الذات والواقع، وبرؤية تأطيرية جديدة تستجيب لحاجات ورغبات الطالب كما رأيت في جامعة مولاي اسماعيل عندما كنت في شعبة “اللغة والفكر”، فالباحث فكره مفتوح في وجه الباحثين والمهتمين بالمعرفة الإنسانية، وبعلوم المسرح وأيضا بعلوم التربية والديداكتيك بجانب عبد الرحمان بن زيدان، وعبد العالي بوطيب، والشاعر اللحاق وغيرهم، إذ أصبح بالنسبة لي كظاهرة نقدية سوسيولوجية كما قال لنا نجيب العوفي بجامعة محمد الخامس، وهذا الاهتمام بهذا المدرس الصموت هو اهتمام بميلاد الباحث السوسيوبنائي حيث احتل مكانة مرموقة بالنسبة للتفكير في العلاقة بين التدريس والتكوين، وبين الصرح الجامعي والعمل الاجتنماعي، وهذا التجانس يخفي وضعا متجانسا ينبغي الحديث عنه أثناء انتقاله إلى كلية الآداب سايس بجانب ثلة من الدراسين، كالسعيدي حسن، وسمير بوزويتة، فهذا الاهتمام كما قلت في إقامة الجنس الأدبي ضمن استراتيجية بناء هذه المناهج كعنصر جوهري ينظر إليها كآلية معرفية قابلة للتكيف مع حاجات المدرس والباحث، وكفلسفة نظامية تعطي الأولوية للمجتمع التربوي، وذلك بنقل المعلومات بصورة غير نمطية إلى القراء وتكييفها مع فلسفة النظام الجامعي، الأمر الذي يسمح للطالب إمكانية بناء قدراته المعرفية والنفسية، وميولاته ورغباته في معرفة التيارات النقدية والأدبية والأجناس التعبيرية، ولقد كان لحضور الفكر التربوي لدى الباحث كمفهوم سيكومعرفي وسوسيوثقافي أثر كبير في سيادة النموذج التكويني في بناء المناهج التحليلية، وما يترتب عن ذلك من أساليب استقرائية واستنباطية.

إن التكامل المعرفي لدى الباحث قيدي هو الذي أدى إلى النظرة التكاملية بين ما هو سردلوجي وما هو درامي، حيث أصبح الطالب لا يحتاج إلى معرفة نظرية ضيقة فقط، بل يحتاج إلى تقنية بيداغوجية وإلى (بيوسيكولوجية) من أجل تأسيس رؤية ذات مصلحة عامة، وليست أزلية، وهذه المصلحة لا عمر لها، وأزلية لأنها آلية، فالباحث قيدي يحيلنا على العناوين مباشرة على فترة على حقبة زمنية تاريخية، إذ تتأطر هذه الذات العالمة في تلك الفضاء وتستحضر من خلالها التاريخ والحدث، والزمكان، واللغة، والذات، والوجود والمعرفة والقيم، كل هذا يتجسد ويتجلى على المستوى الراهن في أطروحته لنيل الدكتوراه، إنه ينطلق من الثرات، والأشكال السردية والتاريخ يهدف تركيب رؤية جديدة كما يرى في دراساته لروايات الروائيين المغاربة والمشارقة، فهذه الدراسات لا تحمل نفس الدلالة، منها ما يحمل ما هو ايديولوجي، ومنها ما يحمل ما هو سياسي وما هو فني بغية الاهتداء لِكُنْهِ النص المدروس.

  • مرجعية الباحث في الدرس والتحليل:

إن العنوان هو الشيء المحدد للقراءة النقدية كيفما كان نوعها، حيث ينبني التحديد على إخضاع الباحث ووضعه في صلب الموضوع إلى جانب ذلك فالعنوان يعرف بالجنس الأدبي المرتبطة بالشكلانيين الروس وبجماعة موو بالطليعيين كأمثال رولاب بارت، وتودوروف وجوليا كريستيفا، وفيليب سوليرز، وغاستون باشلار، وأيضا ببعض مثقفي العرب، كحسن حنفي والجابري والمالكي، وعبد الله العروي، ونجيب العوضي، ويقربنا إلى خلية الدراميين، كأرطو وبييرلار توماس، وأرسطو، وأفلاطون وسقراط، وسارتر، وجيل دولوز وغيرهم، إذ وأمام أكثر من عنوان يمكننا التمييز بين ما هو للرواية وما للمسرح والشعر، إلا أن هذا التنوع هو المهيمن والساكن في أطاريحه التي ذكرتها سابقا.

لقد قدم جاردنر في كتابه أطر العقل البشري مفهوما جديدا للذكاء، من خلال نظرية الذكاءات المتنوعة، والتي وضع أسسها من فروع متنوعة كعلم النفس المعرفي والنمائي والعصبي، لذا اتخذ هذا الذكاء طابعا جديدا في الأبعاد المعرفية، والتجريبية، حيث يرى جاردنر أن الإنسان له إمكانية عقلية مستقلة، لذا ينبغي على الباحث قيدي أن يتعامل مع الطالب وفق قدرته الذهنية وينص هذا الباحث أن المتعلم عليه التعلم وفق شروط ذهنية التي يملكها من أجل حل المشاكل، فهذه القدرات تسمح له بتأكيد شخصيته في المجتمع، لذا فالمدرس عليه أن يعرف الذكاء، وشروطه وقدرته من أجل التمييز بين المتعلمين، والتميز يسمح به معرفة مستوى المتوسط، والمتفوق والضعيف، إذن ستغيا هذه المقاربة التأسيس لنظرية أكاديمية جديدة في المجال الروائي والدرامي، منطلقا من ذلك طرح سؤال الماهية المتعلق (بهوية الباحث) خلال فعله النقدي الذي ينهض به الآن ،هنا لحظة القراءة، ولحظة التعرف وأخيرا لحظة التفسير والتأويل، والباحث عبد الإله قيدي تناول قضايا عدة، أحدهما نظري – النص – نص المؤلف – موت المؤلف – نص الناقد – نص القارئ، كل هذا استمده من جاكيسوب، وتروتسكي، ودوستوفيسكي ورولان بارت، وترودوروف، وفوكور من التراث العربي وغيرهم، فهذه المرجعية الموظفة عنده هي مرجعية مخائيل باختين أيضا التي تم الوقوف عندها في أطروحته لأنه تجاوز الناقد المؤسسي إلى الناقد التناصي، لكي يتناول وظيفة الناقد الحديث وفيه تم تناول ثلاثة قضايا نقدية مشروعية النقد الروائي ومشروعية الناقد المؤسس، وأخيرا الناقد الموسوعي، فهذه القضايا رغم أنها مركب معرفي غير مكتظ بالالتباسات، لذا سنكون على شيء من جذر بإزاء مركب معرفي الذي لم تكتمل عناصره النظرية بعد إلا ما بعد الحداثة، مع ديريدا وهومي بابا وأدورنو، وجماعة فرانكفورت، وشومسكي وهابيرماس وغيرهم من الباحثين، وتبعا لما مر بنا تتبين لنا المنهجية التي اتبعها الباحث قيدي هي مقاربة للمفاهيم المستحدثة كمفهوم ما بعد الحداثة، فالمقصد من هذه المقاربة هو إدراك المنزلة التي يحتلها الناقد في معترك الأفكار والأحداث من خلال التعرف على ماهية الأدب، والرواية والأسباب التي دفعت به إلى حقل التربية والتكوين، إذن تبين المعطيات التأريخية التراثية الأدبية أن المراجع التأسيسية لمصطلح الرواية وما بعد الرواية تنحصر في أعمال بحثية غريبة وشرقية التي شكلت إحدى أبرز خطوط الجاذبية في هذا المقال، فالجنس الروائي والدرامي أخذت معالمه تظهر في مؤلفه وفي مقالاته، وهو الأمر الذي ولد احتداما فكريا غير مألوف مؤداه أن البحث التكويني قد بلغ منتهاه، وأن العالم الأدبي دخل في واقع جديد لم يعد فيه الكلام عن المرجع والمرجعية بمعناها الكلاسيكي، إذن يسعى هذا البحث عن الناقد عبد الإله قيدي إلى تأصيل المصطلح الأدبي وخاصة الروائي من خلال مبحثين متلازمين: الأول يتناول المعنى اللغوي للجنس الأدبي والدلالة الاصطلاحية لهذا المصطلح، والثاني يتناول وحد المصطلح والمصدر ما بين الحداثة وما بعد الحداثة، على الرغم من حداثة دراساته وتنوع تعريفاته والتأويلات التي أحاطت بالجنس الروائي، فقد صار مصطلح الجنس الروائي الحداثي من منظور سوسيوبنائي هو المهيمن عند الباحث لأنه تأثر بالمدرسة الماركسية أيضا (لوكاتش – كولدمان – مدام دوستايل – روبير اسكاربيث – لوسيان كولدمان)، وهذا التأثر الوظيفي قربنا إلى عدة توظيفات قائمة على تحويل الخطاب السردي من مجرد وحدات نصية مستعملة من قبل إلى ممارسات دالة على مواقف حداثية جديدة، “يلعب التحويل دورا أساسيا يشتمل على قدر من التخلي على نظام من العلامات السابقة والانتقال إلى نظام ثان عن طريق وسيط فطري معروف للنظامين والتعبير عن النظام الجديد مع قابلية تمثيله الجديدة” (در فانسي ابراهيم “التعالق النصي” ص246)، فالباحث هُوِسَ بتحديد موقعه في العالم، لذا واجه ما يسمى بالانشطار والشردمة، وهو يعني الانفصال بين الذات والموضوع، وأعادت الثورة التكنولوجية الإنسان إلى موقع الهيمنة وذلك من أجل تجاوز الثنائيات الضدية لصناعة فكرا مغايرا وفلسفة حداثية تدور حول مركزية المبدع واستقلال وجوده وهذا ما ذكره في مجلة علامات، وقد وجدت تجليات هذا المنحى الملغة في البنيوية وفي التفكيكية، لأن الإبداع كاتب ومتلق، ووعي ولا واعي، لأن في ذلك عودة إلى قطب مفرد وهو الداخل والخارج كما يرى الباحث في تدويناته الروائية المدروسة، فالتغيير في المضمون يستتبع تغييرا حتميا في الشكل كما يرى محمد عزام في كتابه (تحليل الخطاب الأدبي ص39)، إن الباحث عبد الإله قيدي يبحث دوما في اللامتناهي وفي المقنع والمحجب بمفهوم هيدجر لكي يبدع أنوية نصية موازية تكون نصوصا أدبية، لا تخضع للانتقائية ولا للتصنيف المحافظ، ولا لأي نظام جاهز، ويقول إيخنباوم في هذا المقام <<كنا في عملنا العملي نقدر النظرية بوصفها فرضية للعمل، نستطيع بمساعدتها اكتشاف صفات الوقائع مادة للدراسة>> عبد المجيد زراقط (النقد الأدبي – سلسلة مصطلحات معاصرة ص145)، فالبحث في تشكل الخطاب عند قيدي سمح لنا باستجلاء خصائص الخطاب الأدبي وخاصة الروائي وقد طرحنا هذا الخطاب ليكون سؤالا مرتبطا بالذات المفكرة، ويستند إلى مجموعة من الإجرائيات المقصدية، لذا أظهر لنا الباحث قيدي خصائص الخطاب الروائي العربي كفعل تواصلي لينخرط فيه الفعل الإقناعي كسيرورة تاريخية، وليجعل العمل المدروس فضاءا جديدا لإيداع آليات هذا الخطاب الذي يروم إلى إقناعنا لأنه مثل مدرسة ذاتية ورمزية وواقعية وإيديولوجية، كلها تجارب وليس تخريب إجرامي ذو طبيعة إيديولوجية كما يقول تودورف في كتابه نظرية المنهج الشكلي، تر ابراهيم الخطيب 1982 ص9، فالباحث عبد الإله قيدي درس الكثير من النصوص الروائية من مختلف الجوانب الأدبية وأصالة الروائي أو الدرامي وأيضا لكي يتخذ هذا المشروع النقدي التحليلي صفة التصوير الواقع الاجتماعي والرؤية التاريخية كما يرى كارل ماركس (الأدب والفن في الاشتراكية – تر عبد المنعم الحفني – 1977 ص67)، فالباحث كما قال في عدة لقاءات أنه مهووس بدوستوفسكي ومكسيم كوركي وخاصة بالفلسفة الاشتراكية التي تمثل النظرة الواعية للأديب والأدب الملتزم، هكذا كان يشدد في دراساته على نهج إيديولوجي سياسي من أجل ضبط المضمون على الشكل، وأن يكون النص مادة التاريخ بخياله ورجاله، كما يقول عمر فاخوري، ولا يخفى أن الالتزام عنده يرتبط بالألسنية والبنيوية والسوسيولوجيا، ليكون العمل المدروس حركة نقدية تقوض النص الكلاسيكي، مما يفضي إلى لا نهائية القراءات، حيث تتبادل العناصر وتدور على نحو متواصل، وحيث ما من عنصر يكون محددا بصورة مطلقة، وما من شيء إلا وهو واقع في شراك كل الأشياء الأخرى وحامل لأثرها (تيري إيغلتون “نظرية الأدب” ص223)، فالنص إذن هو ساحة تلتقي فيه الذوات واللغة والإشارات على نحو يغدو معه النقد موضوعاتيا ولذويا، فليس النقد عنده إلا عبارة عن دلالة تجريبية، وتقنية تعيد المتن ليكون عبارة عن مقاربات وتقابلات، فممارسة النقد الحداثي عنده ليس اتباعا بل إبداعا، يتعدد بتعدد المعارف والظواهر، إذن فالباحث في نقده جاء مزدحما بالمقولات الغربية وبتصوراتها السيكولوجيا والسوسيولوجيا والألسنية ورؤاها الفلسفية مما أدى إلى وجود ممارسة تنطلق من وضعية تراثية ووفق أصول تكوينية تستمد مرجعيتها من الغرب وتحاور وعيه، وهذا بالضبط ما يطمح إليه عبد الإله قيدي وحميد الحميداني، والعوضي، وبرشيد وبن زيدان والرمضاني.

لقد مهدت هذه الإسهامات المبكرة في الجدل مسألة كيفية تعامل النص مع المناهج، وكيف يتحقق فيها درجة من التفرد والخصوصية، فالتعامل يعني التفاعل مع كل الإبداعات الأدبية بشكل تحويلي أو تلميحي أو محاكاتية، وقد نهج الباحث هذا المسار التناصي (البينصية) في نقد الأكاديمي ليكون هذا التناص خطوة دائم التغير والحضور والتحول، وإذا كان الباحث قيدي من خلال هذا الحضور أن يضيف إلى النسق النقدي الأكاديمي رؤية تفتح أبوب التداخل بين المعارف والثقافات كما قال حمودة في كتابه (المرايا المقعرة) ص35، إن أهم ما يميز عبد الإله قيدي هو تأكيده الدائم على البحث الأكاديمي والتكوين التربوي، فهو الدائم الأساس إلى بناء علم الأدب والنقد في الساحة الجامعية بجانب حسن المنيعي ومحمد الكغاط، ومحمد السرغيني، ومحمد العمري، وعبد العالي بوطيب، وميلودي شغوم، وأحمد فرشوخ.

وخلاصة القول إن عبد الإله قيدي قارئ وناقد ومدرس، أحاط بحركة النقد العربي، مما سمح له أن يشكل رؤية موحدة واضحة المعالم رغم وجود بعض المحافظين، فالحركة النقدية الجامعية خلخلت التراث الأدبي والمعرفي، فزرعت الاختلاف في الائتلاف، ووحدت العلوم الإنسانية مع الأدب، ووجهت أركان البحث العلمي بصورة أكثر وضوحا حين لجأ الباحث إلى فتح قنوات التواصل مع الطلبة والباحثين من أجل الجمع بين التنظير والتجريب، وهذا التطور قد أعطى للثقافة الأدبية نهضة تتخطى جميع العصور لكي تعيد الاتصال مع الإنجازات الإنسانية، وتحية لأستاذنا عبد الإله قيدي لإنجازاته الفكرية والمعرفية والتكوينية وآمل أن يعود الصياد إلى صيده.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *