متطلبات الصحة الجيدة

بقلم الاستاذ: حميد طولست
الصحة نعم من أنعم الله الكثيرة التي أنعم بها سبحانه على بني البشر ، والتي هي ،مع الأسف، الأكثر إغفالا واستهتارا بمقوماتها رغم ما تخلقه من توازن في الجوانب الحياتية كافةً ، وما تلعبه من دور مهم في السلام الجسدية والبدنية ، القيمة الثمينة التي جعلت من الصحة الجيدة تاجا على رؤوس الأصحاء لا يراه إلا المرضى والمعلولين ، الحكمة البليغة والأكثر تداولا عبر العالم ، والأقل اهتماما بها بين الأصحاء، الذين تفرض عليهم الرغبة في بلوغ حالة والرفاه والسلامة البدنية، والعقلية المثلى ، وليست مجرد غياب المرض أو الإعاقة العقلية منها والعاطفية والروحية ، الكثير من الاهتمام بالحالة النفسية ، التي كلما كانت في حالة جيدة يكون الجسم في منتهى النشاط والحيوية وقادر على مواجهة جميع الأمراض الجسدية، والتي مع الأسف يغفل تقويتها بالتمارين وممارسة الرياضة ، الكثير ممن يعتقدون أنه ليس لديهم الوقت لذلك بسبب مشاغل الحياة ، ولا يتكيفون مع ضغوطاتها المختلفة المؤثرة في الحالة النفسية، ، ما يعرضهم للاختلالات الصحية المزمنة المؤلمة للأجساد ومكدر للأمزجة ،الناتجة في غالبية حالاتها عن الإضطرابات النفسية والعاطفية ، خاصة مع التقدم بالعمر الذي يبدأ معه انخفاض الصحة وتعب الجسد، وتحطم الأحلام ، وإرتباك الأولويات ، وغيرها من الاضطرابات التي تغيب البسمة ، وتقتل الفَرحة ، وتصغّر الدنيا في أعين المرضى ، وتجز بهم في معارك وحروب التطبيب الضارية في المستشفيات العامة التي ليس بها إمكانيات ، والعيادات الخاصة التي لا تخصصات فيها ، ومع الأطباء والصيادلة ومختبرات التحاليل ومعامل الأشعة التي لا كفاءة لجلها ، غير ابتزاز جيوب المرضى واستنزاف قدرات تحملهم بالعلاجات الطويلة المضنية ، والعمليات الجراحية المكلفة ، والفحوصات المعملية والتحليلات المخبرية التي تفوق كل الطاقات ،ومختلف الأقراص الطبية الكيماوية …، وغيرها من ….التي لم يكن المرضى يتخيلون –حتى في الأحلام – ان يكونوا أسراها إلى حد هذا الاستنزاف الإنساني ، الذي يحول المبتلى من مريض إلى زبون ، لا ينظر إلى علته للتخفيف من سطوتها ، بقدر ما ينظر إلى ما في جيبه،
وهذا لا يعني أنه لا وجود لأطباء شرفاء وأطر طبية بضمائر حية ،بل هناك الكثير ممن يلعبون أدوارا بالغة الأهمية في تعزيز الصحة النفسية ، ويتحملون مسؤولياتهم في حماية حقوق الإنسان الصحية ، رغم النواقص والاختلالات التي ما يعرفها في ظل المنشات الصحية الحكومية المعانية من الفقر المدقع في الموارد البشرية وظروف العمل وقلة الوسائل ، والنقص الحاد في الأسرَّة ومستلزمات وأدوات التطبيب ، والاكتظاظ المهول ، و سوء الحكامة والتدبير ، وانعدام النظام ، وفوضى التسيير ، وانتشار مظاهر الفساد ، وبؤس الخدمات المقدمة في النظافة و التغذية، أولئك الذين يجعلون وبكل مهنية الإنسان يشعر في أي عمر كان بأنه في أفضل حال رغم علته ، وأنه بصحة جيدة رغم ألمه، أولئك هم الذين لا نستطيع إيفاءهم حقهم من الشكر والثناء ،ونكتفي بالوقوف لهم إجلالا وتقديرا ، والدعاء لهم بالخير الدنيوي والجزاء الأخروي ..

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *