حميد طولست
ما كدت استوي في جلستي بأحد مقاهي شاطئ “بينالمدينا”الساحرة التي قصدتها وزوجتي لتناول الإفطار، حتى سمعت صوتا رجوليا يسلم بالإسبانية :hola فالتفتت جهته فإدا به رجل بسحنة افريقية ، وبالضبط ، مصرية ، فرددت على “هولته”بـ”هولة”أحسن منها،ففاجأني بالسؤال:هل حظرتك مغربي؟ رددت على سؤاله بسؤال ساخر: وكيف عرفت؟ فقال في زهو : من كلامك والمدام ! أجبته نعم أنا مغربي وأفتخر، ثم أردف قائلا : من حقك أن تفتخر بمغربيتك ومنتخب بلدك الذي بهدل م بفوز الساحق على مصر بنتيجة 6-0، في مباراة الميدالية البرونزية بأولمبياد باريس 2024. ،كما فاز الناشئون المغاربة على منتخب مصر للناشئين فى تصفيات أمم أفريقيا ب 5-1 وهزم الأقل من 20 ب 2-1، مالكم ومال كرتنا ، اتركوها في حالها .
ضحكت ضحكة طفولية وقلت شوف أيها الفاضل، بصراحة فحكاية تفوق المنتخب المغربي لم يقتصر على المصريين لوحدهم ، بل قد شمل كل نظرائه من الفرق الإفريقية وحتى الأوروبية والأمريكية ، والتي تفوق عليها في الفترة الأخيرة ، الأمر الذي يتطلب ، رغم بساطته، تحليلًا متوازنًا يأخذ بعين الاعتبار العوامل الرياضية، الإدارية، والاجتماعية التي أسهمت في أن لا تكون النجاحات التي حققها المنتخب المغربي مجرد صدفة، بل نتيجة لعمل منظم وإستراتيجيات وتخطيطات متكاملة –لا تخرها الماية كما تقولون في مصركم العظيمة –استثمرها الاتحاد المغربي لكرة القدم بشكل كبير من أجل نهضة كرة القدم المغربية وتطوير بنياتها التحتية الرياضية، بما فيها مراكز التكوين، كــ “مركب محمد السادس لكرة القدم”، الذي يُعد من أفضل المرافق الرياضية في إفريقيا والعالم ، الذي يعمل على تطوير المواهب الشابة التي ركز المغرب على استكشافها لبناء أجيال متعاقبة قادرة على المنافسة على أعلى المستويات ، سواء داخل البلاد أو بين اللاعبين ذوي الأصول المغربية في الخارج ، حيث استفاد المغرب بشكل كبير من لاعبيه المحترفين في أوروبا، مثل حكيم زياش، أشرف حكيمي، ويوسف النصيري، وعبد الصمد الزلزولي و أوناحي والمرابط ورحيمي واكرد وصبيري وحركاس والكعبي وأخوماش وابراهيم ،وغيرهم كثير ممن يلعبون في الداخل وفي أكبر الدوريات الأوروبية ويكتسبون خبرات عالية.
وكل ذلك تحت إشراف المدربين المتميزين في الإدارة الفنية التي يخضع اختيارهم لإستراتيجية صارمة وواضحة على مختلف المستويات ، مع تركيزها على ذوي الخبرات الأجنبية ، والتي قدم فيها وليد الركراكي، المدرب الحالي للمنتخب المغربي، النموذج المتميز في الإدارة الفنية، المعتمدة على التخطيط طويل المدى والرؤية الإستراتيجية المرتكزة على الاستمرارية، التي استطاع بها المزج بين اللاعبين المحليين والمحترفين ، الذي أدى إلى خلق وحدة جماعية بروح قتالية عالية كانت وراء تفوق المنتخب المغربي على مصر في مواجهات متعددة غير التي ذكرت.
وهذا لا يعني أن الكرة المصرية غير قادرة على استعادة بريقها والعودة بقوة للمنافسة ، إنها والله لقادرة “ونص”-كما نقول في دارجتنا المغربية- بما تمتلكه من تاريخ عريق وإمكانات كروية هائلة ، ولا ينقصها إلا اعتماد بعض الإصلاحات والاستثمارات الجادة والاستراتيجيات المؤسسية طويلة المدى، والمزج بين الكفاءات المحلية والدولية، والاستثمار في البنية التحتية الرياضية ، لأن الكرة المصرية تعاني من بعض التحديات الإدارية ونقص الاستقرار على مستوى القيادة الفنية والتخطيط الرياضي، ما أثر على تطور منتخباتها ، وكما يقال الذنب مفهوم يتسع لكل الأخطاء التي توصم أداء الإنسان في الحياة،ومن بينها كرة القدم ولعل أخطر مطب وقع المسؤولون عن الكرة المصرية فى هذا السياق ، هو سكوتهم على الخطر الصغير حتى استفحل، بما يعنيه من نتائج مترتبة على التقصير ، مقارنة بالكرة المغربية التي ليست نجاحات منتخبها مجرد صدفة، بل نتيجة لعمل منظم ومتكامل بدأ منذ سنوات ، كما يؤكد ذلك تصريح “جوزيه مورينيـو” الذي لم يكن هو الآخر صدفة ، بل كان نتيجة تتبع خبير ، حيث قال : “تابعـت مبـاريات المنتـخب المغربي خـلال هذا الأسـبوع وفي الحقيقـة أول مـرة أرى المنتـخب المغربي بهـذه المواصفات العالمـية، انه مذهـل حقا!! المـغرب مع وليد الركـراكي وكتلة من النجـوم تعطي صـورة جميلة عن إفـريقيا بمستواهـم الخيالي من غـير المعقول ما يقـدمه المنتخب المغـربي هذا شيء يـدعو للفخر ان يـكون لديك منتخـب بهذه القـوة.. أتـمنى أن تـصبح القارة الأفريقيـة ولو بنـصف تخطيط المغـرب وبكل صـدق المغـرب هي الدولة الإفريقـية الوحـيدة الأقرب للفـوز بكأس العـالم.. وأحيي وليد الركـراكي هو رجـل شغوف يقـوم بعمل رائـع للغاية في أفريـقيا”.
وضحكنا ضحك طفلين وافترقنا …