لست نواحاً ولا بكاء ولا متشائما، لكن واقع حال الوطن دفع بي ، كما الكثيرين مثلي، للاستسلام للكثير من التساؤلات المحيرة حول عاية هذا السخف الذي أوصلنا إلى ما نحن عليه وفيه من مآسي الفتن التي لا أحد يدري هل هي نتاج أخطاء غير متعمدة ؟ أم هي جرائم مقصودة وبإصرار أحزاب ضعيفة بلا مهنية يسيطر عليها الهم الفردي والطموحات المشخصنة والغايات الأنانية ؟ أم هي بسبب ما يعانيه بعض الساسة والمسؤولين من نقص في الحس الوطني وانعدام الشعور بالمسؤوية وغياب الضمير ؟ وغيرها من التساؤلات التي لا أقصد بها أحدا بذاته ، أو جهة بعينها ، بقدر ما أريد بها تشخص -حسب رأيي المتواضع ، الذي يحتمل الصواب أو الخطأ- بعض أسباب ما نحن فيه وعليه من نحس تقسيم فاق كل تخيلات التخريب المجتمعي المؤدي إلى الإنقسام الفكري والتنظيمي للشارع المغربي ضحية إيمان بعضه بمبدأ “أنا أعترضُ إذن أنا موجود” المفتقرِ للحجّة والموضوعية، البعيد عن منهجيّة الحركات الاحتجاجية والاجتماعية ، والقريب للهمجيّة المنبتقة من الفهم الخاطئ للفعل الاحتجاجي الذي يجب أن يمارس، بضميرٍ وحياديّة ، للتّصويب والتّصحيح ،…. وليس لإضفاء الشرعية والمشروعية على عملية استدراج الحركات الاحتجاجية قسريا، لعراك سياسي عبثي بدون مصداقية “ينفخ” أرصدة اللاديموقراطية ويرفع قيمة أسهمها في بورصة استغلال واضطهاد أبناء الشعب بأساليب مفضوحة ، وآليات مكشوفة ، وخطابات غير ناضجة مشحونة بالطائفية والكراهية والاستعداء والتجييش المذهبي الممنهج ، الذي يسعى به تحالف سري بين قوى الشر ، الى تدجين المواطن الطيب -الذي نحترم طيبته وغيرته- بتسويق الأوهام المستهترة بحقوقه وأمنه ومتطلباته العادلة في المساواة والعيش الكريم التي أقرها الدين الإسلامي في معاملة الناس ، ونصت عليها كل قوانين حقوق الإنسان ، وتحرص الأمم والشعوب الديموقراطية على التمسك بها . وبصرف النظر عن اتفاقنا أو اختلافنا مع هذا النوع من الحركات الاحتجاجية التي لا تعدو غير محاولة سياسية بائسة لإشباع الرغبات المكبوتة لبعض المتهورين غليظي الفهم، محدودي الادراك، الذين يرون أنفسهم أفهم وأعلم الخلق وهم أجهلهم ، فأنها ، مهما تعددت ألوانها ومسمياتها ، تبقى أسوأ أنواع الابتلاء يشكل معضلة للبلاد على حساب أحوال الشعب ومصائرهم ، خاصة في مثل هذا الوقت الحرج والظروف السياسية والاقتصادية المعقدة. فيكفينا كذبا وتزويراً وممالقة وميكافيللية ، فالأهداف السامية لا يمكن أن تتحقق الا بالوسائل المشروعة والاخلاقية ، أما الغايات التي يسيطر على تحقيقها الهم الفردي ، فلا يرجى منها خيرا ، ما أحوجنا أن نتعلم ثقافة الاختلاف لا الخلاف, وأن نتعلم ثقافة الاحتواء لا النفور والجفاء ، وملعون أبو الانتخابات التي رفعت حتالة الناس من قياعان الجهل والتخلف لتفرض تفكيرها المأزوم وقيمها المنحطة على فضلاء القوم وكرماء المجتمع ..