الجديد بريس
وأخيرا أعلن الأمين العام لجامعة الدول العربية السيد أحمد أبو الغيط ، عن اتفاق وزراء الخارجية العرب على عقد القمة العربية بالجزائر بعد قبولها التقيد بشروط البروتوكول المتبع عادة في كل القمم، أي إرسال دعوة رئاسية جزائرية للمشاركة في القمة إلى كل الدول “العربية” بدون استثناء ، مع الاحترام التام لخريطة المغرب وعرضها بكامل وحدتها الترابية من طنجة إلى الكويرة ضمن كافة المواد الإعلامية المرافقة لبرامج القمة سواء المكتوبة أو المرئية أو المسموعة ، وعدم ذكر عصابة البوليساريو الجزائرية أثناء فعاليات القمة أو مجرد التلميح لها بأي شكل من الأشكال ، وإبعاد سوريا عن المشاركة في القمة ، إلى جانب حضور المملكة المغربية الذي ربطت كل من مصر والأردن ودول الخليج حضورها بحضوره ؟ فهل سيلتزم المنظمون بهذه الشروط ؟ أم أنهم سينقضون الوعود كعادتهم ، وكما يتوقع الكثير ممن لايثقون بمصداقية الجزائر ، والغير مقتنعين بمقدرتها على تنظيم قمة بحجم الجامعة العربية ، التي دشنت الدورة العادية 158 لوزراء الخارجية العرب المنعقد بالقاهرة، بانسحاب الوفد المصري احتجاجا على تولي رئاسة دورة المجلس “نجلاء المنقوش”وزيرة الخارجية والتعاون الدولي في حكومة عبد الحميد دبيبة.
وحتى إذا تم فرضا ، وانعقدت تلك القمة ، فهل سيتخلى منظموها على حساباتهم الضيقة ونزوعاتهم العداوانية المزمنة ، ومنطقهم المتجاوز في نشر الخلافات والنزاعات البينية، ودعمهم لنزعات الانفصال ، وإشعالهم للصراعات الحدودية والعرقية والطائفية والقبلية؟ وهل سيتقيدون بأهداف الجامعة العربية الأساسية ، وأدوارها الرئيسية في توطيد الثقة بين البلدان المشاركة، وتكريس مبادئ الديمقراطية ومراعاة خصوصيات ومقومات كل بلد من المشاركين في القمة، واحترام إرادته المستقلة بما يحافظ على أمنه واستقراره ووحدته الترابية والوطنية ، كشرط أساسي وضروري لأنعقاد ونجاح هذه القمة ، كما تقدم بها وزير الشؤون الخارجية والتعاون الافريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، السيد ناصر بوريطة في كلمته أمام مجلس جامعة الدول العربية على المستوى وزراء الخارجية، والتي جاء فيها :”السياق الدولي والعربي يسائل القمة المقبلة لتنعقد على أساس الالتزام بالمسؤولية، بعيدا عن أية حسابات ضيقة أو منطق متجاوز، وتوطيد الثقة اللازمة، والتقيد بالأدوار الخاصة بكل طرف والتزامه بمسؤولية وضع أسس الشراكة العربية المندمجة الهادفة إلى تطوير آليات العمل العربي المشترك، وبناء نظام جماعي حديث ومتجدد وفعال، يوفر الشروط الموضوعية للتعاون البيني ويشجيع الاستثمار وتأهيل الاقتصاد وتحسين أوضاع الإنسان العربي وتسهيل انخراطه في مجتمع المعرفة والاتصال .
فكيف إذن ستتفاعل الجزائر مع تلك الشروط التي يتعين عليها التعامل معها بالفاعلية والواقعية البعيدة عن منطق المزايدات والتوظيف السياسي ؟ ونحن نعلم أنه ليس هناك من شيء سهل إلا ويصعُب عندما تقوم به مجبرا، وكما قال أحمد شوقي:
والمرء ليس بصادق في قوله … حتى يؤيد قوله بفعاله
الأمر الذي يشك فيه الكثير من الناس غير السياسيين، ويستبعده العديد من المحللين السياسيين العارفين بحكام الجزائر، الذين تدل سلوكاتهم على سياستهم التي لا تجد اللذة في الأعمال الفاضلة بسبب قصر نظرهم في مواجهة القضايا الدبلوماسية ، وغياب الرؤيا الواضحة لذيهم حول المعوقات السياسية ، التي تدفع بهم إلى تبني الفسوق الضار بأفسهم قبل الناس ، الذي لا ترضى نفوسهم المريضة بأقل منه ، ويرفض فكرهم المنحرف كل ما يعطي زخما قويا لما فيه خيرهم وخير الدول العربية ويحافظ على أمنها استقرارها ووحدتها الترابية والوطنية.
لأن ذلك طبعهم الذي لا يعرف الصلح ولا المهادنة أبداً ، و تلك طبيعتهم التي لا تريد للغير إلا الأدى ، ولا يتسببون له إلا في الأدية، وعلى رأسهم المغرب الذي تعلم باكراً من شر حقدهم الدفين ، أن الحق لا يعطى لمن يسكت عنه ، وأن لا أحد يستطيع ركوب ظهرك إلا إذا إنحنيت، وتيقن مسيروا شؤونه من خطأ المقولة الشهيرة :”الكلاب تنبح والقافلة تسير” التي طالما شجعت الأنذال والحثالات على التمادي في الإساءة للطيبين المسالمين ، فقرروا إيقاف القافلة كلما نبح عليها كلب من الذين يريدون منع فضل الله عن خص به الله المغرب ، ليلقموه بالحجر الذي يليق بفيه، تم يكملوا سيرهم نحو الأهدافه والطموحات السلمية المشروعة التي رسمها الملك الهمام والوطنيين المخلصين.
واختم بقوله سبحانه : “وَاللّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاء وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ” وقوله تعالى :” مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ”