أزمة الالتزام في الزواج  السريع ودور مواقع التواصل الاجتماعي في المجال

 

بدر شاشا باحث 
في الماضي، كان الزواج المغربي يُعتبر علاقة مقدسة تقوم على الاحترام والتعاون والصبر. كان الأزواج يعملون معًا لتجاوز الصعوبات ومواجهة تحديات الحياة بروح من التضامن والتفاهم. لكن في هذا الجيل يبدو أن هذه القيم بدأت تتلاشى وأصبح الزواج ظاهرة قصيرة الأمد لا تدوم طويلًا. اليوم نشهد حالات زواج تنتهي في غضون شهور قليلة أو حتى أسابيع وأصبح الطلاق ظاهرة متزايدة في المجتمع المغربي. فلماذا تفشل العديد من الزيجات سريعًا وما الأسباب التي تدفع الفتيات والشباب على حد سواء إلى طلب الطلاق في الماضي كان الزواج يُبنى على أسس راسخة من المسؤولية والمودة. كانت الأسرة تلعب دورًا محوريًا في توجيه الأزواج ودعمهم وكان المجتمع يُعلي من قيمة الصبر والتعاون. أما اليوم فقد تغيرت الظروف الاجتماعية والاقتصادية والثقافية وأصبح الزواج أشبه بعقد قصير المدى بين طرفين لا يستطيعان تحمل المسؤولية أو مواجهة الصعوبات. في هذا الجيل لم تعد العلاقة الزوجية تتحمل أعباء الحياة اليومية وأصبح الزواج ينتهي بالطلاق عند أول خلاف. تشير الإحصاءات إلى ارتفاع معدلات الطلاق بشكل ملحوظ في المغرب خاصة بين الشباب الذين تقل أعمارهم عن الثلاثين
 
من أبرز أسباب طلب الفتاة للطلاق أنها تدخل الزواج وهي تحمل تصورات مثالية عن الحياة الزوجية متأثرة بما يُعرض على وسائل الإعلام أو مواقع التواصل الاجتماعي. تتوقع حياة مليئة بالرومانسية والرفاهية لكنها تصطدم بواقع مليء بالتحديات والمسؤوليات. هناك أيضًا ضغط اجتماعي من الأهل والمجتمع للزواج في سن مبكرة ما يؤدي أحيانًا إلى اختيارات غير مدروسة. بعد الزواج تجد الفتاة نفسها غير مستعدة لتحمل مسؤوليات الأسرة أو التفاهم مع الشريك. تطور دور المرأة في المجتمع جعل الفتيات أكثر وعيًا بحقوقهن وأكثر استقلالية. إذا شعرت الزوجة بأن الزوج لا يحترم حقوقها أو يحاول السيطرة عليها فإنها تلجأ إلى طلب الطلاق. العنف الأسري سواء كان جسديًا أو نفسيًا والإهمال من قِبل الزوج يُعدان من أبرز الأسباب التي تدفع المرأة إلى إنهاء الزواج أما بالنسبة للشباب فإن الضغوط الاقتصادية تُعد من أبرز الأسباب التي تجعلهم يطلبون الطلاق. الزواج يتطلب تحمل نفقات مادية كبيرة من توفير مسكن ملائم وتكاليف الحياة اليومية. في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة قد يشعر الزوج بالعجز عن تلبية احتياجات الأسرة ما يسبب خلافات متكررة تؤدي إلى الطلاق. التوقعات غير الواقعية من بعض الأزواج الذين يظنون أن الزواج سيكون خاليًا من المسؤوليات ويقتصر على المتعة والترفيه يصطدمون بالواقع الذي يتطلب التضحية والعمل الجاد للحفاظ على الأسرة. في بعض الأحيان قد يتعرض الزوج لضغوط عائلية واجتماعية أو تدخلات من أهله أو أهل الزوجة ما يؤدي إلى تفاقم المشكلات الزوجية ويزيد من فرص الطلاق. كما أن ثقافة الاستهلاك والعولمة جعلت الشباب أكثر تأثرًا بالنماذج الغربية التي تُظهر الطلاق كحل سريع لأي خلاف وسائل التواصل الاجتماعي تُعد من العوامل الكبرى التي تؤدي إلى تفكك العلاقات الزوجية. هذه المنصات تزرع أفكارًا مثالية وغير واقعية عن العلاقات وتجعل الأزواج يقارنون حياتهم بحياة الآخرين. كما أنها تُفسح المجال للخيانة الإلكترونية مما يزيد من الشكوك وعدم الثقة بين الزوجين. ضعف التواصل بين الشريكين يُعد أيضًا من أبرز الأسباب التي تؤدي إلى انهيار الزواج. إذا لم يتمكن الزوجان من التعبير عن مشاعرهما بوضوح وحل مشكلاتهما بأسلوب بناء فإن الخلافات البسيطة تتحول إلى أزمات كبرى تنتهي بالطلاق المجتمع المغربي بحاجة إلى وقفة تأملية حول هذه الظاهرة. الطلاق ليس الحل السهل بل هو قرار يؤثر على الأسرة بأكملها خاصة إذا كان هناك أطفال. تعزيز قيم الحوار والتفاهم والاحترام بين الأزواج يمكن أن يساعد في تقليل معدلات الطلاق. يجب أن يكون هناك وعي أكبر لدى المقبلين على الزواج بأهمية تحمل المسؤولية ومعرفة أن الحياة الزوجية ليست دائمًا مثالية بل تتطلب جهدًا مشتركًا وتضحية من الطرفين. الأسرة والمجتمع لهما دور كبير في توجيه الشباب والشابات وإرشادهم إلى اختيار الشريك المناسب والعمل على بناء علاقة متينة قادرة على مواجهة تحديات الحياة
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *