عسى أن تكرهوا شيئًا وهو خير لكم

 

بدر شاشا 
الآية الكريمة في سورة البقرة: “عَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَىٰ أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ” (البقرة: 216) هي واحدة من الآيات التي تحمل في طياتها دروسًا عميقة عن حسن الظن بالله وضرورة التوكل عليه في جميع شؤون حياتنا. هذه الآية تذكرنا بأن مشاعرنا وحكمتنا قد تكون محدودة، بينما علم الله لا حدود له، ويعلم ما هو خير لنا في كل الأوقات.في الحياة اليومية، يمر الإنسان بالكثير من المواقف التي قد تثير فيه مشاعر سلبية، سواء كانت بسبب فشل في عمل، أو صعوبة في الوصول إلى هدف، أو خسارة في شيء كان يحبه. في تلك اللحظات، قد يظن الإنسان أن ما يمر به هو شر محض، وأنه لا يوجد أي خير يمكن أن يخرج من هذه التجربة. لكن الله سبحانه وتعالى يذكر في هذه الآية أن ما يكرهه الإنسان قد يكون في الحقيقة خيرًا له، رغم أنه لا يدرك ذلك في الوقت الحاضر.من جهة أخرى، قد يحب الإنسان شيئًا كثيرًا ويظن أنه ما يريده بالفعل، ويعتبره الأفضل له في تلك اللحظة. لكن مع مرور الوقت قد يتبين أن هذا الشيء كان مصدرًا للضرر أو الشر، مما يثبت له أن الله كان أدرى بمصلحته. هذه الآية تُظهر لنا أن مشاعرنا قد تكون محكومة بتجاربنا المحدودة، بينما علم الله واسع وشامل، وله كامل الحكمة في ترتيب الأحداث.على المستوى النفسي والاجتماعي، تعلّمنا هذه الآية أهمية التحلي بالصبر والرضا بالقضاء والقدر، والابتعاد عن التسرع في الحكم على الأمور. فالحياة ليست دائمًا كما نريد أو كما نتوقع، ولكن الله سبحانه وتعالى يوجهنا إلى ما هو أفضل لنا، حتى لو لم ندرك ذلك في البداية. الصبر في الأوقات الصعبة واليقين بأن كل شيء يحدث لحكمة ما، هو ما يجعل المؤمن يعيش بطمأنينة وسكينة.وتحث هذه الآية أيضًا على ضرورة التفاؤل وعدم اليأس. في الأوقات التي يواجه فيها المسلم تحديات أو صعوبات، عليه أن يتذكر أن الله يعلم ما هو خير له، وأن الأمور التي قد يراها محبطة قد تحمل معها فرصًا جديدة، دروسًا حياتية، أو تحولًا إيجابيًا في مستقبله. كما تذكرنا هذه الآية بأن لا نغفل عن أن ما نحبه قد لا يكون في مصلحتنا، وأن ما نكرهه قد يتضمن خيرًا لا نراه الآن.تأخذنا هذه الآية الكريمة إلى مستوى أعمق من الفهم حول كيف يمكننا أن نعيش حياة مليئة بالسلام الداخلي، في الوقت الذي نعلم فيه أن الله سبحانه وتعالى يقدر لنا كل شيء وفقًا لما هو أفضل لنا. علينا أن نثق في حكمته، وأن نكون على يقين أن الحياة، بكل ما فيها من تقلبات، تسير وفقًا لخطة أكبر وأسمى من ما نتصور.
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *