بدر ساشا
في زمن التحولات الكبرى والرهانات التنموية، لم يعد مقبولًا أن تظل بعض الجهات المغربية تسير بخطى متقدمة، فيما جهات أخرى تعاني من التهميش والبُعد عن مراكز القرار والخدمات الأساسية.
إن خلق التوازن والتكامل بين الجهات لم يعد خيارًا، بل أصبح ضرورة وطنية لضمان تنمية شاملة ومستدامة.
. نحو استراتيجية رقمية موحدة بين الجهات
التحول الرقمي هو بوابة العدالة المجالية الجديدة. إذا وُحدت المنصات الرقمية بين الجهات، وسُهل الولوج إلى الخدمات الإدارية، الصحية، والجامعية، فإن الفوارق ستبدأ بالانكماش.
استراتيجية رقمية وطنية موحدة تعني:
وصول الطالب في كلميم لنفس الفرص والمعلومات المتاحة لطالب في الرباط. استفادة المقاول في العيون من نفس برامج الدعم والتوجيه كما في طنجة أو فاس. انسياب البيانات بين المستشفيات والجامعات والإدارات، لخدمة المواطن أينما كان. 2. بناء منظومات جهوية متكاملة
لا يمكن بناء مغرب قوي بدون تكامل فعلي في البنية التحتية والخدمات. يجب أن تتوفر كل جهة على:
مستشفيات جامعية مجهزة، لتقريب العلاج المتخصص من المواطنين. ملاعب جامعية ومنشآت رياضية لتأطير الشباب واحتضان الطاقات. جامعات ومعاهد عليا بمناهج حديثة مرتبطة بحاجيات الجهة. مناطق صناعية متقدمة لخلق الشغل محليًا بدل الهجرة نحو المركز. مشاريع طاقة شمسية لتثمين مؤهلات البيئة والاستقلال الطاقي. 3. توجيه الاستثمار حسب خصوصيات الجهات
لكل جهة طابعها الفريد، ويجب استثماره بذكاء:
سوس ومراكش والجنوب: إمكانات هائلة للطاقة الشمسية واللوجستيك. فاس ومكناس: مؤهلات جامعية وعلمية لاقتصاد المعرفة. الشمال: فرص صناعية ومينائية كبرى. الشرق: موقع استراتيجي للربط مع الجزائر مستقبلًا. 4. المغرب الموحد لا يعني المغرب المتشابه
ليس المطلوب أن تتشابه الجهات، بل أن تتكامل:
الرباط مركز السياسات، لكنها ليست وحدها من يقرر. الدار البيضاء قطب اقتصادي، لكنها ليست وحدها من يخلق الشغل. كل جهة تساهم بخصوصيتها في بناء مغرب حديث متكامل الأركان. الخلاصة:
إن مستقبل المغرب رهين بقدرته على إشراك كل جهاته بذكاء وعدالة.
لن نحقق التنمية إذا بقيت الخدمات مركزة في “المركز”، بينما “الأطراف” تنتظر.
وحدها الاستراتيجيات الشاملة، الرقمية، واللامركزية الحقيقية…
هي القادرة على تحقيق التوازن الذي يحمي الاستقرار، ويصنع الازدهار.