إلى كل نساء العالم ، أحبن الحياة ، وتمتعن بكل لحظة من لحظاتها ، تبسمن ، بل إضحكن لها وللناس ، إعتنين بأنفسكن ، إمنحنها بعض الوقت ، بل كل الوقت تعطرن ، تزينن ، كنن قويات ، إصنعن حولكن عالما جميلا خاصا بكن ، وإحدرن الإنتظار ، ذاك الطقس الرهيب المرهق ، والمسرحية السخيفة المعادة التي عاشتها معظم جداتكن وأمهاتكن مند الولادة ، وربما ستعشنها أنتن أيضا إذا ما اتخترتن إنتظار جودو الذي لم يأتي جداتكن رغم طول الانتظارت ! صحيح أنه لا تموت النساء من نزيف الولادة ، ولا مما يسميه السلف بالشرف المتبث بين أفخاذهن ، ولا من ظروف العمل في البيوت والمصانع والمزارع -الذي لا تعترف “الباطرونا”بأنه غير آدمي – لكنهن قد يمتن من الانتظار، فما أصعب الانتظار ، وما أقسى لحظاته ، التي هي أكبر من كل مآسي الحياة التي لا تملك حيالها النساء على وجه الخصوص ، سوى التحسّر والشكوى من برودة مقاعد وأرصفته ، التي أمضت فوقها غالبية النساء الجزء الأكبر من أعمارهن في انتظار عودة ما سلب منهن من فرج وأمان وسعادة ، على يد من سرق منهن الرحيق والثمر باسم العقيدة القائمة على معاداة حقهن في الكرامة والمساواة ، التي كان يحدوهن الأمل في ألا تطول بهن لحظات إنتظارها ، وألا تُحول طقوس الإنتظار المرهقة زمانهن الى اللازمن ، وأشياءهن الى اللاشئ ، وهويتهن الى اللامعنى ، وتضيّع عليهن ما هو ممكن في انتظار ما هو مستحيل ، فتصبح الإنتظارية المزمنة مجرد تسلية تنسيهن أن العمر أقصر وأثمن من أن يقامرن به في لعبة انتظار ملهية عن كل مسيراتهن النضاليّة الإنسانيّة ومحطّاتها الطّامحة في غد أفضل تصبح فيه المرأة إنساناً، لا عورة ولا عارا ، ولا عاهرة ولا قديسة ، فقط إنسانة غير متهم بالغواية وإثارة الشهوات ، إنسانة بكل أخطائها وخطاياها ، إنسانة تتمتع بجميع حقوقها اليومية التي دفعت ثمنها نضالات نسائية منحوتة بدماء زكيّة وصمود شامخ التي يعود تاريخها إلى ما قبل 8 مارس الذي ما هو إلا مجرد تاريخ لذكرى لإعادة التأكيد على حقوق أزلية كفلها رب العالمين للمرأة قبل أن تمنحها لها الدساتير والقوانين ، وقبل أن تحولها الرأسمالية إلى مناسبة احتفالية بحتة تستهلك فيها النسوية عبر العروض التجارية المختلفة المتمثلة في تبادل الهدايا والتهاني وتوزيع الورود التي تترك جانبا لتذبل.