الانتظار ، أو حين يصبح الزمن عدوًا !؟؟؟

ليس هناك شعور أكثر قسوةً على النفس من الوقوف في طابور ، مشدودا على حافة الحياة بين أملٍ قد يأتي وخيبةٍ قد تسقط كالصخر على الروح؛ إنه الانتظار، ذاك السجن الصامت الذي يأكل من أيام البشر ، ويسرق الفرحة من قلوبهم، ويطفئ بريق أحلامهم دون دراية منهم أنهم يطاردون خيوط الدخان في لحظات الانكسار ، خلال انتظار شفاء وسط عتمة الألم ، أو التفاتة حبٍ واحترامٍ أو اعترافٍ بوجود ، ولما لا سعادة يمضي العمر متكئا على مقاعد الانتظار في انتظارها ، والتي هي كـ”جودو”لا و لن تأتي لم وربما لن تضيف قيمة يبتسم لها رصيف الحياة ، أو تملؤه بهاءً وتألقاً واحتفاءً ، وكأن الانتظار يبارك منتظريه من الميلاد إلى الممات ، ويكافئ اختيارهم السقيم لإكمال الأعمار كضحايا لا تدري المعنى الحقيقي لمأساة الانتظار المستنفذ لكل الطاقات الحيوية ، والسارق لأبهى اللحظات الجميلة ، والمفقد للراحة النفسية ، والسالب للأمن والأمال ، التي يضعها جميعها على قائمة انتظاريته الطويلة، البعيدة المنال ، التي لا تمنح الدفء للحاضر، ولا تحمل الإشراق للمستقبل، ولا تضيء طرق المنتظرين الباهتة ، وكأنها أشبه بعقوبةٍ ذاتية ، مشبعة بإرثٍ ثقيل من القلق والإرهاق واللاجدوى ، التي تفقد الإنسان أمن النفس والأمل في المستقبل ، وتهدد حياته بالموت البطيء ، دون أن يشعر متى بدأ اعتياده الانتظار الذي يلوذ بمقاعده ، أو يدرك معناه الحقيقي ! وهل هو الحنين لما لم يكن ؟ أم هو التعلق بما قد لا يكون أم هو التمسك بالأوهام؟ والتي كان من الأجدى استبدالها بالفعل واتخاذ المبادرة ، بدل التردد و الإتكالية ، فالوقت لا يرحم من يسرف في استهلاك نفسه على أرصفة الانتظار ، والحياة لا تنتظر أحدًا..

حميد طولست Hamidost@hotmail.com

عضو المكتب التنفيذي لرابطة الصحافة الإلكترونية.
عضو المكتب التنفيدي للمنتدى المغربي لحقوق الإنسان لجهة فاس مكناس
عضو سابق للمكتب التنفيدي لـ “لمرصد الدولي للإعلام وحقوق الأنسان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *