العنف والإفلات من العقاب: ازدواجية المعايير

حميد طولست

دعوة على هامش خبر التظاهر الإستفزازي لبعض أمهات المجرمين المحكومين بمقتضى الفصل 507 من القانون الجنائي المغربي، والذي يشدد العقوبة على حيازة السلاح الأبيض أثناء ارتكاب الجريمة، ومطالبتهن بتحكيم ملكي لإنصاف أبنائهن.
أيها الناس… كفى تبريراً للعنف!
في كل يوم نصحو على خبر جريمة جديدة: شاب يحمل سلاحًا أبيض، يهدد، يسرق، يطعن، يترك خلفه ضحايا بعاهات مستديمة وأرواح مكلومة. ثم، ويا للغرابة، تخرج علينا أصوات تطالب بالرحمة لهؤلاء الجناة، وتبكي عليهم وكأنهم الضحية لا الجلاد!
أيها الناس… ما الذي أصابنا؟
كيف صار المعتدي بطلاً، والمجني عليه طيفاً منسياً؟
كيف نبرر الإجرام بالسوء الاجتماعي والظروف القاسية، وكأن الفقر رخصة لحمل السلاح وبث الرعب في قلوب الأبرياء؟
رأيت أمهات المجرمين يحتججن ضد تطبيق الفصل 507 من القانون الجنائي المغربي، الذي يحمي المجتمع بعقوبات مشددة لمن يحمل السلاح ويهدد الأمن. بل وصل بهن الحال أن طالبن بتحكيم ملكي لإنصاف أبنائهن!
ولكن، بالله عليكم، من الأحق بالإنصاف: الجلاد أم الضحية؟
لا وطن بلا أمن. لا مجتمع بلا قانون. لا كرامة للإنسان بدون عدل.
كلما كانت العقوبة مشددة ورادعة، كلما خفتت أصوات الجريمة، وانتصرت حياة الناس البسطاء الذين لا صوت لهم ولا ظهر يحميهم سوى قوة الدولة وعدالة القانون.
ولكن تبقى المفارقة المستفزة ، هي أنه في الوقت الذي نشدد فيه العقوبات على حاملي السكاكين في الأزقة، وتعمى الأبصار عن سكاكين كبار الفاسدين؟ الذين يغتصبون أموال الشعب دون وجه حق!
لماذا لم ير النور بعد قانون تجريم الإثراء غير المشروع؟
كيف نصدق أن العدالة عمياء إذا كانت ترى صغار الفقراء وتعمي بصرها عن سكاكين كبار الفاسدين؟
لا نريد عدالة تنتصر على الضعفاء وتغض الطرف عن الأقوياء. نريد وطناً يحمي أبناءه جميعاً، لا وطناً يرهب البسطاء ويصافح المتغولين.
العقوبة الصارمة حق، ومحاربة الفساد واجب،
نريد مغرباً آمناً، عادلاً، لا مكان فيه لمجرم ولا فاسد. فكفى تبريراً للعنف، وكفى صمتاً عن الفساد.
ومن يحمل السكين في وجه الناس يجب أن يُردع، ومن يسرق خيرات الوطن يجب أن يُحاسب، لا وطن بلا أمن، ولا أمن بلا عدالة.
نريد مغربًا يحمي الضعفاء، لا مغربًا يخاف الأقوياء، هذا الحلم يستحق أن نحيا ونناضل من أجله.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *