بقلم : حميد طولست
من أكبر أسباب الفشل، فقد الثقة بالنفس، وعدم الإيمان بالقدرات الذاتية على النجاح ، والاعتقاد الخاطئ بعدم امتلك مقوماته ، التي تجعل من الفشل أشد الأمراض الاجتماعية ، وأخبث الآفات الروحية ، وأشرس الأدواء الفتاكة التي إذا تسلطت على الأفراد أو الجماعات إلا وحالت دون مواجهتهما لأيّ تحدٍّ يتعرّضان له ، خوفاً من الفشل واللوم والانتقاد ، ما يساهم في إيجاده وانتشاره وتطويره في النفوس الضعيفة التي تستكين له وتستطيب إسقاطه على غيرها ، وتتفنن في البحث عن شماعات واهية تعلقه عليها ، أو على أسباب غيبية سماوية ، بعيدة عن أدائها على الأرض ، تهربا من المسؤولية الذاتية التي يُحاسب عليها الإنسان كمخلوق مسؤول عن أفعاله ، بدليل قوله تعالى :”كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِين” “وَكُلَ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ” والذي يُحمل الأفراد والشعوب مسئوليات أفعالهم، التي يفترض التعامل معها بعيدا عن منطق :” أن النجاح له ألف أب، وأن الفشل يتيم يبحث له عن نسب من خارج مجال الأداء الذي أدى إليه” الأمر الذي تعززه المقولة الشهيرة : “الفاشل ليس من يقع في الفشل ، وإنما الفاشل هو من يقع في الفشل ويرتضيه و يستطيبه “إلى أن يصبح من صميم طبعه وسلوكه، فيصعب عليه الانتقال من تأثير احباطاته و خيباته وانهياراته ، إلى مربع النجاح ، الذي يسعى إليه المبدعون كأسمى طموح في مختلف ميادين العطاء الإنساني الفكرية أو الثقافية أو الأدبية أو الفنية أو الرياضية ؛ والذي غير خاف على أحد حاجة الناس الأسوياء للشعور بمذاق النجاح والنصر ، وأنه ليس هناك من شك في أنه لا وجود لعاقل يبحث عن الفشل أو يريده ، ولا يكافح لتفاديه ، كل حسب تنشئته وتربيته وطريقته وقدرته على التخطيط والإعداد لتقوية ثقته بنفسه واحترامه لذاته ، وتحفيزها على العمل المحقق ليس للفوز والانتصار فقط ، بل والعمل على الوصول للتألق والتميز في عوالم الفوز والنجاح ، الذي لا ينتظر إلا المبادرات الحميدة والنوايا السليمة للجادين الذين يؤمنون بقدراتهم ، ولا يكتفون بشكر الله على تقديراته وعطاءاته فقط، ويحاسبون أنفسهم ويفتشون في خباياها عن الأسباب الذاتية التي أدت بهم إلى ذلك النجاح أو الفشل، خلافا لما كان سائدا في خضم الخريطة الرياضية وعلى رأسها كرة القدم المفتقرة للحب والعدالة والانسانية، المكتظة بالتشابه والعزلة والسآمة، المعطرة بالمؤامرات التي قصرت أمور تسيير شؤونها لزمن طويل على استصدار أحلام وطموحات كل الموهوبين الذين يودون بشوق للفرص المتكافئة التي تكون لهم فيها مواقف مؤثرة في تغير القوالب المعلبة للعبة ، ويثبتون من خلال حضورهم الفاعل في حمأة الصراع المحموم الذي لا يتهم أصحابه إلا بمصالحهم الخاصة على حساب مصلحة كرة القدم الوطنية ومتطلباتها الضرورية كتوفير الإمكانات المتميزة ورصد المواهب ودعمها وتحفيزها ، وشحذ همم أصحابها والدفع بهم نحو الإبداع والتفوق والرقي باللعبة، الأمر الذي تفنن في إدارته الناخب الوطني وليد الركراكي ، بالشكل التميز الذي مكن الكرة المغربية، وفي ظرف وجيز ، ليس من استعادة مكانتها المتميزة فقط ، بل وجعلها تحتل المراتب العليا ، والدرجات القصوى و الأخطر شأوا والأكبر شأنا، و تنال كل ما تستحقه من أوشحة الفخر وأوسمة التميز، تمكنت من بز أقرانها من الفرق العالمية العظيمة بمونديال قطر ، وفوزها العظيم مؤخرا على البرازيل ، الذي لم يكن صدفة ولا ضربة حظ ، بقدر ما كان نتيجة لحكمة مدرب معلم مدفوع عشق بعمق كرة القدم، فتمكنت منه وتمكن منها حتى صارها بكل جوارحه، ونتيجة أفضل القرارات وأنجع الحلول ، المبنية على التخطيط الجيد والفعل المضبوط المؤدي للفوز، الذي ليس حليف المتكاسلين المتواكلين ، ولا يناله إلا أصحاب الرؤى المستقبلية السليمة، الذين تملؤهم الرغبة العارمة في اقتحام النجاحات، والغرف من مناهلها الصافية الذين يريدون فعلا أن يحضوا باحترام ومحبة وتقدير جميع عشاق كرة القدم الذين يقدسون انتماءهم إليها رغم اختلاف المواقف وتباينت الآراء.